حب الذات وكيف يغير حياتنا ويحقق لنا النجاح

حب الذات وكيف يغير حياتنا ويحقق لنا النجاح

إن الجذور الصلبة دائمًا ما تمنح الفروع قوةً واحتمالًا، فإن كانت جذورك صلبة لن تهزمك المشكلات ولن تؤثر بك الإخفاقات، فقط عليك أن تصل إلى حب الذات .
” حب الذات “ تلك الكلمة السحرية التي ستحول حياتك 180درجة، فحب الذات هو الأب، المنبع، الجذور؛ تلك الجذور القوية التي تمسك جيدًا بكل ما تطمح إليه وتفكر فيه، من علاقات سوية مع الآخرين، من علاقة زوجية مريحة يتقبل فيها الزوجان بعضهما البعض، رغم نواقص بعض الصفات وتعدد الأخطاء، من رغبة في الوصول إلى وزن مثالي أو نجاح في العمل.
إن أردت كل هذا فقط عليك أن تحب ذاتك، لأن نظرتك لنفسك تنعكس في عين الآخرين.

سأحكي لكم قصة :

هذه القصة وقعت معي شخصيًا عن حب الذات، في مرة من المرات التي كنت أتلقى فيها التدريب في مجال التنمية البشرية؛ تعرضت لبعض المشكلات وبرغم ما تعلمته لم أستطع الخروج منها، فسألت مدربي وأنا أطمح كثيرًا أن يعطيني خطوات مرتبة أسير عليها؛ فهو بالطبع أعلم مني بحكم السن والخبرة؛ ولكنه قال لي كلمة صغيرة جدًا، كانت مفاجأة ولم أستطع استيعابها حينها، قال لي: أحبي نفسك أولا، أحبي ذاتك.
نظرت إليه ولسان حالي يقول: فقط هذا فقط هو الحل. مرت الأيام وتعمقت في القراءة والدرس وبدأت فعلا أحب ذاتي وأدللها، فتغير الأمر وأصبحت غير ما كنت، فحب الذات هو الجذر، المنبع الذي تخرج منه المياه لتسقي كل الأرض.
( أحبوا ذاتكم فحب الذات حياة )

في هذه الأمسية سنتعرف أكثر على :

  • حب الذات.
  • ونعرف الفرق بينه وبين الأنانية.
  • ولماذا عدد الذين لا يحبون أنفسهم كثيرا؟
  • وهل من الممكن أن يكره الإنسان ذاته وهو لا يدرك ذلك؟
  • وكيف نحب ذاتنا ونرتقي بها؟

للأسف أغلبنا تربى على أن حب الذات أنانية، ولم يتربَّ على أنه صفة ضرورية كي يستطيع التكيف والتعايش مع الآخرين، فكيف نحب الناس وعلاقتنا بأنفسنا مشوهة، كيف نعطي الحب من دون أن نأخذ منه، كيف نكوّن صداقات وعلاقات مع غيرنا، ونحن لم نكوّن أهم علاقة في حياتنا؛ علاقتنا بأنفسنا التي قال الله سبحانه وتعالى عنها :  قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها  [ سورة الشمس ] بالله عليكم أخبروني كيف سنزكي نفسًا لا نحبها!؟

بين حب الذات والأنانية :

علاقتك بنفسك هي أغلى علاقة؛ هي الشيء الذي يظل معك للنهاية، لذا عليك أن تفهم نفسك جيدًا وتحبها، فحب الذات ليس أنانية؛ حينما تحب الله وتحب ذاتك أولًا وتحب معها الآخرين.
أما إن أحببت ذاتك فقط لا غير فتلك هي الأنانية، تمنى لنفسك الخير وتمناه للناس، ساعد نفسك وساعد غيرك. من الممكن أيضًا أن تكون لا تحب نفسك وأنت لا تدرك! فعلى سبيل المثال الشخص الذي يرغب في الرشاقة ولا يستطيع الوصول إليها ولا يستمر في ممارسة الرياضة؛ هو شخص لا يحب ذاته، فلو كان يحبها كان سيفعل كل ما بوسعه من أجلها ويصل للرشاقة.
مثلا الشخص الذي يشتكي دائمًا بأنه يفشل في علاقاته، وأن الآخرين دائمًا ضده، والزوجة التي تشتكي من خيانة زوجها أو معاملته السيئة لها، أو الفتاة التي تشعر بنقص في أنوثتها، أو رفض لأحد ملامحها فمثلًا لا تعجبها أنفها أو أسنانها، أو البنت التي تشتكي من مشاكل أمها أو أخيها؛ كل هذه المشاكل حلها في حب الذات.
أحبي نفسك أولًا
وقدريها وأعطها حقها
حتى يقدرك الآخرين
ويعطونك ما ترغبين من حب

لا تعتمدي على حب الآخرين في شحن طاقتك وذاتك:

اشحنيها أنتِ داخليا بحبك لله وحبك لها. حب الذات يظهر خارجيًا على الشخص؛ فالشخص المتصالح مع نفسه يستطيع أن يجذب شريك الحياة ويجذب الآخرين بكل أريحية ودون عناء، فلو كنتِ تحبين نفسك بكل ما فيها من مميزات وعيوب لن تتأثري حينما يثني عليكِ أحدهم، أو حتى حينما ينتقدك؛ ستكونين في حالة من الاتزان الطبيعي، ولن تتأثري بهم.
فمثلًا أنت تعرفين أنك ناجحة وموهوبة في مجال الكتابة؛ حينما يخبرك أحد بذلك ستفرحين ليس بسبب قوله؛ لكن لأنك تعرفين أن هذا أمر حقيقي، وإن انتقدك أحد وقال أنك فاشلة ولا تجيدين الكتابة؛ لن تصدقيه وتتأثري بما قاله؛ لأنك تعلمين في داخلك أن هذا ليس أمرًا حقيقيًا.
لهذا من المهم جدًا أن تحبي ذاتك وتتقبليها وبكل ما فيها، ولا تقولي كيف أتقبلها وهي تذنب؟ كيف أتقبلها وهي تخطأ في حق نفسها وحق الآخرين؟
حبيبتي
هل أخبرك أحد أن الله خلقك ملاكًا! أنتِ بشر، خُلقتي كي تذنبي ثم تتوبي، كي تخطئي وتستغفري، فلو أراد الله أن يخلق البشر ملائكة تطيع ولا تعصي لخلقهم هكذا من البداية، ولم يخلق البشر فالله سبحانه وتعالى يحب عباده المستغفرين ويبتليهم ليستغفروا، ويعتبر الاستغفار علاجًا مهمًا جدًا لعدم حب الذات.

هناك قصة جميلة جدًا عن الاستغفار

قصتى ستوضح لكم ما أقصد ..
فعندما دخل رجل على الحسن البصري، قال له: إن السماء لم تمطر.
فقال له الإمام : استغفر الله.
فدخل عليه رجل ثاني، وقال: إني أشكو الفقر.
فقال له الإمام: استغفر الله.
فدخل عليه رجل ثالث، وقال له: يا إمام إن امرأتي عاقر لا تلد.
فقال له الإمام الحسن البصري: استغفر الله.
ثم جاء بعد ذلك من قال: أجدبت الأرض ولم تنبت.
فقال له الإمام أيضًا: استغفر الله.
فقال أحد الجالسين : عجبًا لك يا إمام، كلما دخل عليك رجل يسألك حاجة تقول له: “أستغفر الله”!
فقال له : ألم تقرأ قوله تعالى :  فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا   [ سورة نوح ].

الحل؟

فالحل إذن لجميع المشكلات هو الاستغفار، حسنًا ما علاقة كل هذه القصة وهذا الحديث عن الاستغفار بحب الذات؟
تكمن العلاقة أن الإنسان حينما يأتي بذنب ما، يبدأ في توبيخ نفسه ويقلل من استحقاقها الذاتي، ويبدأ في معاقبة نفسه قبل أن يعاقبه الله عز وجل؛ بأن يكرهها، ولسان حاله يقول: كيف أطلب من الله شريك حياة وأنا أفعل الذنوب!؟ كيف أطلب الوفرة في المال أو الصحة أو الأبناء وأنا أفعل الذنوب؟ أنا لا أستحق شيئًا من هذا.

النتيجة الحتمية:

وهكذا يظل في تلك الدوامة والحرب مع نفسه؛ حتى أنه قد يضر نفسه ويمرض بسبب تلك الأفكار. فالمرض يرتبط بعدم حب الذات؛ قد يظن الشخص أنه يستحق زوال الصحة لأنه يخطيئ ويذنب، فتزول فعلًا صحته فالمرض قد يكون أحيانًا  اختيارًا وليس من الله عز وجل.
فإن حافظت على صحتك واهتممت بنفسك، فأنت تختار الصحة. وإن أهملت فيها وأنقصت نفسك حقها ورأيت أنها تستحق المرض، فأنت هكذا تختار زوال الصحة.
حب نفسك وقدرها فهي تستحق ذلك حتى لو أخطأت.

مع الله لا مستحيل:

فالله سبحانه وتعالى يعرف أنك ستخطئ، ويتركك لتخطئ، كي تعود إليه، كي تناجيه ويسمع صوت دعائك واستغفارك.
وبعد الاستغفار ستشعر بالراحة والطمأنينة، وسيعم السلام بداخلك، ولن تكره ذاتك. فقط استغفر كثيرًا واستشعر الكلمات وأنت ترددها.
توجه بقلبك إلى الله في جلسة معه، وبعدها اغمر نفسك بالحب.
تحدث معها أخبرها أنك تحبها وأنك سترتقي بها وأنها تستحق السعادة والخير والوفرة وكل الأهداف التي تصبو إليها. فحب الذات هو المدخل الأساسي لتحقيق كل الأهداف.
أحبكم فى الله  دكتورة / رشا رأفت  
دكتورة رشا رأفت : لايف كوتش ومرشدة نفسية وأسرية متخصصة فى علم النفس، ومدربة فى علم تطوير الذات و التنمية البشرية ولها العديد من الدورات المجانية والمدفوعة فى التنمية البشرية و دورات تطوير الذات.

للاشتراك فى دورة حب نفسك … قدر ذاتك تفضل هنا

محاضرة حب الذات للدكتورة رشا رأفت على التليجرام


شاهد فيديو بعنوان :
حب الذات للدكتورة رشا رأفت

ما هو الفرق بين حب الذات والأنانية ،
فيديو رائع للدكتورة رشا رأفت على يوتيوب

مشاركة:

قد يعجبك

error: Content is protected !!