شفاء الطفل الداخلي والذات الشابة

شفاء الطفل الداخلي والذات الشابة

كلمة الطفل الداخلي هي كلمة مجازية تعبر عن مرحلة الطفولة، فكل إنسان منا لديه أربع أنواع من الشخصيات، وهم:

  1. الطفل الداخلي وهو طفل موجود داخل الإنسان من مرحلة ما قبل الولادة أثناء وجوده جنين في رحم أمه، وحتى عمر 5 سنوات.
  2. الشخصية الثانية هي الراشد أو العاقل الداخلي.
  3. الشخصية الثالثة هي الأب الداخلي.
  4. الشخصية الرابعة هي  الأم الداخلية وتكون من سن سنة لخمس سنوات، وأي مشاعر مؤلمة أو صدمات تحدث في هذا السن تترك أثرًا مؤلمًا طوال العمر.

يبدأ الراشد أو العاقل في الظهور في مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضج؛ حينما يحاول الفرد أن يتصرف بطريقة صحيحة وينضج، أما الأب الداخلي والأم الداخلية فيظهران عندما يفكر الفرد منا فيما فعل ويقول، ماذا لو عرفت أمي ما حدث؟ ماذا لو قال أبي شيئًا غير الذي حدث؟

رحلة علاج الطفل الداخلي:

ذات مرة قمت بعمل جلسة استرجاع في العمر لإحدى السيدات، وحينما سألتها وصلتي لأي سن الآن؟ قالت لي شيئًا غريبًا، قالت: أن هناك عروقًا حمراء تحيط بها، وخلفها جدار يشبه جدار الرحم، وأنها الآن جنين لا تعرف عمرها، وهذا يؤكد أن هناك بعض الناس التي تتذكر أحداث تقع وهي جنين؛ وأن الجنين يتم برمجته ويسمع كل ما يحدث.
دورة علاج الطفل الداخلى

فعلى سبيل المثال كنت أعرف سيدة تسمع سورة البقرة كل يوم من الشيخ محمود على البنا، وحينما أنجبت كان طفلها يحفظ تلك السورة دون أن تحفظها هي له، وكان يرددها  مع الشيخ وحده دون تدخل منها.

إذن أهم مراحل تكوين الفرد هي أول خمس سنين في حياته؛ لأنه يتم فيها برمجة كل المعتقدات والقناعات التي نتصرف على أساسها في الوقت الحاضر، والتي تظل معنا لباقي عمرنا.

هذه المعتقدات قد تكون سلبية وقد تكون إيجابية على حسب الأحداث والمواقف التي عشنا فيها، لذا من الضروري جدًا للمرأة الحامل ألا تقوم بعمل جلسات تأمل ولا أي تقنية من تقنيات التحرر الطاقي؛ لأن طاقة المرأة الحامل تكون عالية جدًا؛ كل ما يمكن أن تفعله هو سماع القرآن الكريم أو الموسيقى الهادئة إن كانت لا تمانع في ذلك.

هذا يعني أن الجو الذي تعيش فيه المرأة الحامل يجب أن يخلو من المنغصات والتوتر وتكون في حالة نفسية جيدة تعتني فيها بصحتها وصحة جنينها.

انقدوا الطفل في داخلكم:

يجب أن نركز على أنفسنا فقط أثناء الأمسية، ننسى أبناءنا ومشاكلنا معهم وعلاقتنا بهم، ونبدأ في إنعاش الذاكرة للوصول إلى الذكريات، قد يظن البعض أنه لا يذكر أي أحداث وقعت له في سن الخمس سنوات، ولكن هذا ليس صحيحًا.

العقل الواعي فقط هو الذي يتكلم ويقول ذلك، أما العقل اللاواعي فيتذكر كل شيء، لذا يجب أن تفسحوا لأنفسكم المجال وتصادقوا عقلكم الباطن حتى تتحرروا وتتذكروا معي كل شيء.

الطفل الداخلي هو الذات الطفلة أو الطفل الذي خلق على الفطرة، وكان لديه حب غير مشروط وبراءة وتلقائية، وعلاج الطفل الداخلي والذات الشابة يتم عن طريق تحرير هذا الطفل من الصدمات والسلبيات التي لوثته منذ الطفولة؛ فالكبار المقبلين على الحياة؛ الذين لديهم تفاؤل وحب غير مشروط وبراءة؛ هم من حرروا الطفل الداخلي.

أما هؤلاء الذين تعرضوا لطفولة تعيسة وصدمات؛ حينما يكبرون فهم يرفضون وجود الطفل الداخلي من الأساس، وبالتالي لا يحررونه ولا يتمكنون من التواصل معهومواجهته؛ حتى يتخلصوا من البرمجة السلبية الموجودة لديه والتي مازالت تؤثر على حياتهم، رغم مرور السنوات.

وهناك أيضًا غير الذات الطفلة توجد الذات الزائفة ” الإيجو “، والايجو نتيجة طبيعية لتلوث فطرة الذات الطفلة بالبرمجيات السلبية.

وهناك الذات العليا أو الذات الناضجة التي تكون في سن الـ 40، وفيها تكون الروحانيات عالية. المهم لدينا أن نعمل على علاج الطفل الداخلي ، ونخلصه من كل السلبيات ونبقي فقط على الإيجابيات.

خطوات شفاء الطفل الداخلي

الخطوة الأولى :

التحرر من المعتقدات والمعيقات التي حدثت في الطفولة، ويتم هذا التحرر بواسطة بعض تقنيات التحرر، وهي نوعان:

  • تقنيات ذاتية: وهي عبارة عن ممارسات يمكن أن يقوم بها الفرد وحده دون مساعدة أو تدخل من أحد.
  • تقنيات متخصصة: وهي عبارة عن ممارسات لابد من أن يقوم بها الفرد مع مختص أو معالج حتى يخرج بنتيجة فعلية بعد الممارسة.

دورة علاج الطفل الداخلى

وتعتبر تقنية سيدونا واحدة من أفضل تقنيات التحرر، فهي تعتمد على تفريغ السلبيات وحرقها وتوجيه بعض الأسئلة للفرد، لكن هناك حالات لا تتناسب معها سيدونا؛ مثل الصدمات الشديدة فمثلًا الأشخاص الذين تعرضوا للتحرش الجنسي في الصغر، يتم عمل جلسات استرجاع في العمر معهم؛ وهي جلسات لا يمكن أن تتم دون وجود مختص.

الخطوة الثانية:

هي الاستعانة ببعض الأدوات التي تعمل على إنعاش الذاكرة، واستدعاء الطفل الموجود بالداخل والتواصل معه، خاصةً عندما يرفض الظهور بسبب الطفولة التعيسة التي مر بها.

إذن كيف نتواصل مع الطفل الداخلي ونستدعيه ؟

إذا أردت أن تصل إلى أهدافك وتحافظ عليها، إذا أردت النجاح في عمل علاقات إيجابية مع الآخرين، إذا أردت أن تصل للسلام الداخلي وتحب ذاتك وتثق في قدرتك، وتعيش الحياة بكل ما فيها من سعادة وراحة وحب؛ لا بد أن تبدأ في رحلة تحرير و شفاء الطفل الداخلي. وهذا يتم من خلال عدة خطوات.

خطوات تحرير الطفل الداخلي :

  • إحضار ألبوم صور الطفولة ومشاهدته لاسترجاع الطفل بداخلكم، واختيار صورة من ضمن الصورة حتى سن خمس سنوات، وصورة أخرى حتى سن العشر سنوات.
  • استرجاع كل أفلام الكرتون التي كان نحبها ونحن صغار، ونبدأ في البحث عنها عبر اليوتيوب ومشاهدتها وسماع التترات الموسيقية الخاصة بها، طوال فترة التحرر ومحاولة استرجاع الطفل الذي بداخلنا.
  • التصرف بعفوية كالأطفال، وشراء الحلوى والألعاب التي كنا نلعب بها ونحن صغار؛ أو حتى الألعاب التي كنا نرغب في اقتنائها ولكننا لم نستطع الحصول عليها ونحن أطفال لأي سبب، إن كنت تتمنى أن يكون عندك بيانو لعبة؛ انزل الآن واشتريه واجلس لتعزف عليه وتستمتع بوقتك مع طفلك الداخلي.
  • نقوم بشراء علبة ألوان وكراسة رسم، ونبدأ في التعبير عن ذاتنا بكل حرية دون أن نلتفت لما قد يقوله الناس، فلا أحد منهم يشعر بك أو يشاركك همومك، ومعاناتك.
  • في غياب الطفل الداخلي، لا تفكر في سنك فالعمر هو مجرد رقم في حياتك، مجرد وهم يعيقك، ما المشكلة أن تضحك وتلعب كالصغار؟ ما المشكلة أن تأكل الآيس كريم في الشارع؟ وتستمتع به وهو يسيل بين يديك؟ وأنت تحاول أن تلتهمه قبل أن يكسو يديك، لا تستكثر المتعة على نفسك من أجل إرضاء الناس؛ لأنهم لن يرضوا.
  • هنا تأتي خطوة اللعب والمرح.. اذهب للملاهي انطلق وألعب، وأكرر ثانيةً لا تفكر في نظرة الناس ولا أي شيء آخر سوى سعادة طفلك الداخلي، وإن كان عندك أطفال صغار سيكون هذا الأمر ممتع لكليكما، ستتكلم معهم بعفوية وتضحك وتلعب، وتتعامل بمنتهى البساطة وكأنك في مثل عمرهم، بهذه الطريقة ستصل إلى مرحلة عميقة في ذاتك، مرحلة كان لا يمكن أن تتخيل أنها موجودة.
  • ممارسة الهوايات التي كانت تحب ممارستها وأنت طفل صغير، إن كنت تحب الشعر ارجع للكتابة، إن كنت تحب ممارسة الرياضة اشترك في أي نادي والعب اللعبة التي تحبها، إن كنت تحب القراءة خصص لنفسك وقتًا تكون فيه أنت والكتاب فقط، واجعل من كل تلك الممارسات السابقة عادة يومية في حياتك حتى يخرج الطفل الداخلي للنور، ويكف عن لعبة الاختباء.
  • مسامحة الوالدين على ما حدث في الماضي، وهذه الخطوة مهمة جدًا حتى يتم علاج الطفل الداخلي ، فسيدنا يوسف عليه السلام رغم كل ما حدث في طفولته من إخوته الذين رموه في البئر، وتركوه يواجه المجهول، حينما أصبح ملك مصر وكان بيده أن يفعل بهم ما يشاء سامحهم على كل ما فعلوه.

تجربتي مع جلسة علاج الطفل الداخلي

من فترة قصيرة قمت بجلسة استرجاع في العمر مع شابة صغيرة عمرها 20 عام، كانت أطول جلسة قمت بها، قضينًا معًا 4 ساعات استطاعت الفتاة فيها أن تتحرر من معيقات الماضي وتم شفاء الطفل الداخلي تمامًا.
دورة علاج الطفل الداخلى
بعد أن اشترت الأدوات والألوان والألعاب وقامت بكل الخطوات السابقة، كانت مشكلة الفتاة أنها لا تستطيع مسامحة والديها على ما حدث في الماضي، ولكن بفضل الله وتحرير الطفل الداخلي تمكنت من مسامحتهم، وتخلصت من معيقات كثيرة وتشوهات كانت تؤثر على حياتها بشكل كبير.

أنت ترمومتر نفسك : قد يكفي الاستماع لجلسة علاج الطفل الداخلي في تحرير الطفل الداخلي الموجود لديك، ولكن هناك بعض الحالات الشديدة التي يلزم فيها القيام بكل الخطوات السابقة، حتى تتم عملية شفاء الطفل الداخلي ، أنت من سيحدد ماذا تحتاج؟ وهل أصبحت على ما يرام بعد الجلسة، أم أنك في حاجة للمزيد من التواصل مع طفلك داخلي.
ذات مرة جاء رجل يبلغ من العمر 80 عامًا وتحدث مع الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله، وقال له أرغب في الدراسة للحصول على درجة الدكتوراة، ولكن سني يعوقني فأنا رجل في الثمانين من عمري، فسأله الدكتور: ما المدة التي ستستغرقها فترة الدراسة؟ قال له الرجل 4 سنوات.
فقال له الدكتور إبراهيم وكم سيكون عمرك بعد أربع سنوات، قال الرجل: 84، فقال له: وإن لم تأخذ الدكتوراه كم سيكون عمرك حينها؟ قال الرجل: 84، فقال له الدكتور الفقي: وإن أخذت الدكتوراه كم سيكون عمرك حينها؟ فقال الرجل 84 أيضًا، هنا سأله الدكتور قائلًا: ماذا ستفعل إذن؟ فقال الرجل سآخذ الدكتوراه، وبالفعل بعد أربع سنوات قابله الدكتور إبراهيم وكان الرجل في قمة سعادته فقد حصل بالفعل على الدكتوراه.
لقد أدرك الرجل من كلام الدكتور إبراهيم أن العمر لا يمكن أن يكون عائق، فهو يمر فقط لكنه لا يزيد أو ينقص منا شيء، هل تعتقدون أن رجل بهذه الإرادة وتلك الأهداف لديه مشكلة مع طفله الداخلي ؟

بالطبع لا، فتحقيق الأهداف والنجاح يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسلام الداخلي والتصالح مع الطفل الداخلي؛ لذا عليكم أن تحافظوا على الذات الشابة والطفل الداخلي ؛ حتى تستمتعوا بالحياة وتحققون الأهداف وتنعمون بالحب الذي يحيط بكم؛ لكنكم لا تستطيعون أن تلمسوه أو تشعروا به.
دورة علاج الطفل الداخلى
هيا الآن انزلوا لشراء الألعاب والألوان والحلوى وامضوا يومًا ممتعًا مع أبنائكم في الملاهي، ومارسوا الهوايات القديمة كي نبدأ سويًا في رحلة شفاء الطفل الداخلي .

 دكتورة رشا رأفت : لايف كوتش ومرشدة نفسية وأسرية متخصصة فى علم النفس، ومدربة فى علم تطوير الذات و التنمية البشرية ولها العديد من الدورات المجانية والمدفوعة فى التنمية البشرية و دورات تطوير الذات.

مشاركة:

قد يعجبك

error: Content is protected !!